البيان الأوروبي حول غزة.. تصريحات خجولة دون تحرك عملي للضغط على الاحتلال

البيان الأوروبي حول غزة.. تصريحات خجولة دون تحرك عملي للضغط على الاحتلال
تقارير وحوارات

غزة / معتز شاهين:

في وقتٍ تشهد فيه الأراضي الفلسطينية تدهورًا مستمرًا بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، يثير البيان الأوروبي المشترك الأخير تساؤلات حول فعاليته. فقد اعتبره الخبراء رغم مطالبته بوقف العدوان، يأتي في إطار التصريحات النظرية دون تحرك عملي من الاتحاد الأوروبي للضغط على الاحتلال الإسرائيلي.

 

وأكد مختصون في الشأن الدولي في أحاديث منفصلة مع "الاستقلال"، أن المواقف الأوروبية، رغم إدانتها للعنف، لا تكفي لوقف الاعتداءات الإسرائيلية أو معالجة الوضع الإنساني في غزة، مشددين على ضرورة أن يكون لدى الاتحاد الأوروبي مواقف واضحة وصريحة تجاه القضية الفلسطينية، مشابهة لموقفه الواضح في النزاع الروسي الأوكراني.

 

وأصدر الاتحاد الأوروبي بيانًا مشتركًا، وقع عليه وزراء خارجية كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا، أكدوا فيه على دعمهم المستمر لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وضرورة ضمان استمرار تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، داعياً إسرائيل لضمان دخول المساعدات بشكل كامل وسريع وآمن ودون عوائق إلى سكان غزة.

 

وشددت الدول الأوروبية الثلاث، على ضرورة ألا تكون المساعدات الإنسانية مشروطة بوقف إطلاق النار وألا تستخدم أداة سياسية"، وأن وقف دخول البضائع والإمدادات إلى غزة  يشكل انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني، داعية كافة الأطراف على الانخراط في التفاوض على المراحل التالية من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة".

 

وانتهت المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في غزة في 1 مارس 2025، التي بدأت في 19 يناير، وأسفرت عن إطلاق سراح عدد من الرهائن الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين، وعودة النازحين إلى شمال قطاع غزة. لكن المقاومة رفضت الشروط الإسرائيلية لتمديد المرحلة الأولى من الاتفاق، مطالبةً بتركيز المفاوضات على المرحلة الثانية التي تشمل انسحاب كامل لجيش الاحتلال من غزة واستكمال عملية تبادل الأسرى والرهائن.

 

على إثر ذلك، أغلقت إسرائيل جميع المعابر التجارية مع قطاع غزة، مما حال دون إدخال المساعدات الإنسانية الضرورية لسكان القطاع. الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، حيث حذرت منظمات المجتمع المدني ومنظمة الأغذية العالمية من تداعياته الخطيرة على حياة السكان.

مطالبات خجولة

في السياق، أكد الباحث في العلاقات الدولية، نعمان توفيق العابد، أن البيان الأوروبي المشترك، والذي يطالب بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة وإدخال المساعدات الإنسانية، يبقى في إطار التصريحات دون أن يترجم إلى خطوات عملية فعالة.

 

وقال العابد في حديثه لـ صحيفة "الاستقلال"، الاربعاء، إنه ورغم الدعم السياسي الأوروبي الذي تم تقديمه في بعض الفترات، إلا أن المواقف الأوروبية لا تزال خجولة للغاية في تنفيذ ما تعلن عنه، خاصة بعد قدوم الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، الذي فرض ضغوطًا على دول الاتحاد الأوروبي وأدى إلى تراجع الدعم الأوروبي لبعض القضايا الفلسطينية.

 

وأضاف، أن الموقف الأوروبي بشأن القضية الفلسطينية لا يزال تابعًا بشكل كبير للموقف الأمريكي، سواء كانت الإدارة الأمريكية ديمقراطية أو جمهورية. وأوضح أن المواقف الأوروبية في قضايا الشرق الأوسط بشكل عام تكون ضعيفة ومرتبطة بتوجهات السياسة الأمريكية. ومع ذلك، أشار إلى وجود تحول طفيف في بعض المواقف الأوروبية، حيث بدأت بعض الدول الأوروبية تتخذ مواقف تبتعد قليلاً عن الموقف الأمريكي، مثل الاعتراف بالدولة الفلسطينية وتقديم المساعدات للشعب الفلسطيني.

 

وأشار العابد، إلى أن البيان الأوروبي الأخير حول غزة، جاء ليؤكد الحاجة إلى وقف العدوان وإيجاد حل سياسي للقضية الفلسطينية، لكنه لم يتخذ أي خطوات ملموسة، مثل فرض عقوبات أو ضغط حقيقي على الاحتلال الإسرائيلي.

 

ولفت، إلى أن المواقف الأوروبية، رغم كونها تدين العنف، لكنها لا تقوم بما يكفي لوقف الاعتداءات الإسرائيلية أو معالجة الوضع الإنساني في غزة، وهو ما يساهم في استمرار معاناة الشعب الفلسطيني.

 

وشدد الباحث في العلاقات الدولية على ضرورة أن يكون لدى الاتحاد الأوروبي مواقف واضحة وصريحة تجاه القضية الفلسطينية، على غرار موقفه الواضح في النزاع الروسي الأوكراني، لتجنب سياسة المعايير المزدوجة التي تهدد مصداقيته في السياسة الدولية.

لا يشكل ضغط حقيقي

من جانبه، أكد الكاتب والمحلل السياسي د. عدنان الأفندي أن البيان المشترك الصادر عن الاتحاد الأوروبي بشأن الوضع الإنساني في قطاع غزة يعد جديًا من الناحية النظرية فقط، لكنه لا يشكل ضغطًا حقيقيًا على الاحتلال الإسرائيلي للسماح بإدخال المساعدات إلى القطاع.

 

وأوضح د. الأفندي في حديثه لـ"الاستقلال"، أن هذا البيان لا يكفي ولا يعكس تحركًا عمليًا، مشيرًا إلى ضرورة وجود ضغط دبلوماسي عربي وأوروبي ودولي، خاصة من الاتحاد الأوروبي، من أجل إجبار "إسرائيل" على السماح بإدخال المساعدات إلى غزة.

 

وأشار إلى أن الرد الإسرائيلي على البيان الأوروبي جاء سريعًا وواضحًا، حيث أكدت "إسرائيل" أنها لن تسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، بحجة أن المساعدات يتم السيطرة عليها من قبل المقاومة وتُستغل لإعادة بناء آلية عسكرية.

 

وأضاف د. الأفندي أن هذا الموقف الإسرائيلي يترافق مع دعم أمريكي واضح، مما يجعل تأثير البيان الأوروبي محدودًا.

 

وفي هذا السياق، اعتبر د. الأفندي أن البيان الأوروبي، إذا ظل في إطار التصريحات النظرية، لن يؤثر في تغيير الوضع في غزة، كما أنه لن يخفف من التصعيد الإسرائيلي، خاصة أن الاحتلال لم يلتزم في السابق بقرارات دولية صادرة عن مجلس الأمن.

 

وأضاف أن بعض الدول الأوروبية تتعامل مع القضية الفلسطينية بمعايير مزدوجة، حيث دعمت الاحتلال في عدة مناسبات، سواء من خلال توفير الأسلحة أو الدعم الدبلوماسي.

 

وشدد المحلل السياسي على أن البيان الأوروبي والمناشدات الدولية بشأن الأزمة في غزة لن تؤدي إلى تغييرات حقيقية ما لم يتم اتخاذ خطوات عملية من المجتمع الدولي، خاصة من الاتحاد الأوروبي، للضغط الحقيقي على الاحتلال الإسرائيلي لحل الأزمة الإنسانية في القطاع.

 

التعليقات : 0

إضافة تعليق